في خطوة فاجأت الأسواق العالمية وأعادت أجواء الحرب التجارية إلى الواجهة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 9 أبريل 2025 فرض رسوم جمركية جديدة شملت واردات من 185 دولة حول العالم، من بينها الصين، الاتحاد الأوروبي، والهند. وجاءت هذه الإجراءات ضمن سياسة “أميركا أولاً” التي لطالما تبناها ترامب، في محاولة لإعادة التوازن التجاري لصالح الولايات المتحدة.
الصين في مرمى النيران: رسوم بنسبة 104%
كانت الصين الهدف الأكبر من هذه الحزمة الجديدة من الرسوم، حيث فرضت إدارة ترامب رسوماً جمركية تراكمية بنسبة 104% على جميع الواردات الصينية. وتعد هذه النسبة الأعلى على الإطلاق منذ بدء العلاقات التجارية الحديثة بين البلدين، وتأتي بعد سنوات من التوترات والمفاوضات غير المثمرة.
ترامب صرح بأن “الولايات المتحدة لم تعد تقبل بخسائر سنوية بمئات المليارات من الدولارات لصالح دول تستفيد من انفتاحنا”، مؤكداً أن هذه الخطوة “ضرورية لحماية الصناعات الأميركية واستعادة الهيبة الاقتصادية”.
دول حليفة على القائمة أيضاً
لم تقتصر الإجراءات على الصين فقط، بل شملت أيضاً الاتحاد الأوروبي برسوم بلغت 20%، والهند بنسبة 26%. وهو ما أثار استغراب العديد من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، خاصة وأن العلاقات الاقتصادية مع واشنطن كانت تشهد حالة من الاستقرار خلال السنوات الأخيرة.
الخطوة شملت أيضاً دولاً من أميركا اللاتينية، جنوب شرق آسيا، وحتى كندا والمكسيك، ما يجعلها واحدة من أوسع حملات فرض الرسوم في التاريخ الأميركي الحديث.
ردود أفعال دولية غاضبة
لم تتأخر الصين في الرد، حيث أعلنت وزارة التجارة الصينية عن فرض رسوم انتقامية بنسبة 34% على جميع الواردات الأميركية، مؤكدة أن “الولايات المتحدة تمارس تنمراً اقتصادياً لن يصمد أمام وحدة المجتمع الدولي”. كما عبّر الاتحاد الأوروبي عن “خيبة أمل عميقة”، مشيراً إلى أن الإجراءات الأميركية تقوض النظام التجاري العالمي.
فيما دعت منظمة التجارة العالمية إلى التهدئة وضبط النفس، محذّرة من أن أي تصعيد قد يؤدي إلى “ركود تجاري عالمي جديد”.
التأثير على الاقتصاد العالمي
يرى خبراء أن هذه الرسوم الجديدة ستؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات، وستؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج في العديد من الدول، بما فيها الولايات المتحدة نفسها. كما أن الأسواق الناشئة ستكون الأكثر تضرراً، نظراً لاعتمادها على الصادرات للسوق الأميركية.
ويتوقع محللون أن يؤدي التصعيد الحالي إلى تباطؤ في نمو التجارة العالمية، واضطرابات في سلاسل التوريد، وزيادة في التضخم، مما يعقّد جهود البنوك المركزية في مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية بعد جائحة كورونا وأزمة الطاقة.
في الختام
بينما يرى ترامب أن هذه الرسوم ضرورية “لتصحيح مسار التجارة العالمية”، يعتبرها كثيرون خطوة متهورة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات الدولية وتباطؤ النمو الاقتصادي. وفي ظل تصاعد ردود الفعل، تبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كنا أمام حرب تجارية جديدة، أم مجرد ورقة ضغط ضمن معركة سياسية واقتصادية كبرى.