في فجر السابع من أكتوبر 2023، استيقظ العالم على مشهد غير مسبوق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعدما شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية مفاجئة أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، متوغلة في عمق الأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة براً وجواً، ما تسبب في سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين الإسرائيليين. العملية شكلت صدمة عسكرية وأمنية لإسرائيل، ووصفت بأنها الأخطر منذ حرب 1973.
جاءت العملية بعد أشهر من التوتر المتصاعد في القدس والضفة الغربية، واقتحامات متكررة للمسجد الأقصى، إضافة إلى تشديد الحصار على غزة، واستمرار الاستيطان، ما اعتبرته حماس تجاوزاً للخطوط الحمراء. في المقابل، ردت إسرائيل بإعلان حالة الحرب وبدء حملة عسكرية موسعة على قطاع غزة أطلقت عليها اسم “السيوف الحديدية”.
منذ بدء الحرب، واجه قطاع غزة قصفاً عنيفاً ومتواصلاً استهدف البنية التحتية المدنية، والمستشفيات، والمدارس، وأحياء سكنية بأكملها، ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير واسع في مختلف مناطق القطاع. كما فُرض حصار شامل أدى إلى شلل تام في الخدمات الصحية والإنسانية، وسط تحذيرات دولية من وقوع كارثة إنسانية.
على الجانب الإسرائيلي، شهدت المدن الجنوبية توتراً غير مسبوق، حيث أُعلن عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي في الأيام الأولى للهجوم، إضافة إلى اختطاف أكثر من 200 شخص، بينهم جنود ومدنيون، إلى داخل غزة. وشكّل ملف الأسرى أحد أبرز العناوين الإنسانية والسياسية في الحرب، حيث تطالب حماس بصفقة تبادل مقابل إطلاق سراحهم، بينما تصر الحكومة الإسرائيلية على استعادهم دون شروط.
طوال الشهور التي تلت الهجوم، فشلت كل الوساطات في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، رغم جهود مصر وقطر والأمم المتحدة. وتم تنفيذ عدة هدنات مؤقتة بوساطات دولية، لكنها لم تصمد طويلاً في ظل الخلافات حول الشروط، خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
في المقابل، تعرضت إسرائيل لانتقادات واسعة من منظمات حقوقية ودولية بسبب الاستهداف المفرط للمدنيين واستخدام القوة المفرطة، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيقات في جرائم حرب محتملة. كما شهدت عدة عواصم عربية وعالمية مظاهرات حاشدة دعماً للفلسطينيين واحتجاجاً على القصف الإسرائيلي.
حتى أبريل 2025، لا تزال الحرب مستمرة وإن بوتيرة أقل، وسط تحذيرات أممية من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتوسع الصراع إلى جبهات أخرى في المنطقة، خصوصاً في الجنوب اللبناني والضفة الغربية. ومع غياب أفق لحل سياسي شامل، يبدو أن هذه الحرب ستترك آثاراً عميقة في الوعي الجمعي الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، وقد تشكّل نقطة تحول في مسار الصراع الممتد منذ عقود.